عادات رمضانية | عادات وتقاليد في شهر رمضان

 

يعد شهر رمضان الكريم من أهم الشهور في السنة، فهو شهر الصيام والعبادة والروحانيات حيث يمتاز هذا الشهر الفضيل بالعديد من العادات والتقاليد التي تعتبر جزء لا يتجزأ من التراث الإسلامي وتبدأ العادات والتقاليد منذ بزوغ فجر أول أيام الشهر الفضيل، وبالتالي يتوافد المسلمون إلى المساجد لأداء صلاة الفجر وبداية الصيام ومع غروب الشمس تنطلق أصوات المدافع التي تعلن عن حلول وقت الإفطار مما يضفي أجواء روحانية مميزة.

من بين العادات البارزة في شهر رمضان الكريم:

 

أولًا: زينة رمضان

تعتبر من عادات شهر رمضان تُزيّن الشوارع والمساجد بالأنوار الملونة، وأيضًا تُعلق الفوانيس والزينة المختلفة، في تقليدٍ عريقٍ يُشارك

فيه الجميع من الأهل والجيران والأصدقاء  فرحة وراثاها جيل عن جيل في تزين الشوارع استقبالًا لشهر رمضان كان الصحابي الجليل

تميم ابن أوس الداري  له دور في ترسيخ فكرة زينة شهر رمضان كان يُنير المساجد بالقناديل كل جمعة لأنها تُعتبر يومًا مقدسًا عند

المسلمين على الرغم من ذلك فإن فكرة الاحتفال بقدوم شهر رمضان وتزيين المساجد والشوارع بدأت تنتشر وتتطور عبر الزمن.

 

أما الخليفة عمر بن الخطاب أول من بدأ بفكرة الاحتفال بقدوم شهر رمضان حيث كان يزين المساجد من أول يوم في رمضان لإقامة

صلاة التراويح وإحياء الشعائر الدينية وفي عهد خلفاء الدولة الطولونية  أمروا بتزين الشوارع بالقناديل وتزين المساجد احتفالًا بشهر

رمضان الكريم وبالتالي تطورت زينة رمضان عبر الزمن من استخدام القناديل والشموع إلى الأنوار الملونة إلى الفوانيس وبالتالي

أصبحت زينة رمضان رمزًا للبهجة والفرح، وعادةً اجتماعيةً تُشارك فيها العائلات والجيران والأصدقاء.

انظر أيضًا:فانوس رمضان تاريخ البهجة | أصل فانوس رمضان

 

ثانيًا: المسحراتي

المسحراتي مهنة قديمة ومرتبطة بالتقاليد الشعبية في العديد من البلدان الإسلامية خلال شهر رمضان لا يزال المسحراتي

رمزًا مهما من رموز شهر رمضان حيث كان أول مسحراتي في التاريخ الإسلامي هو بلال بن رباح رضي الله عنه كان يجُوب

الطرقات ليلًا لإيقاظ الناس للصحور بصوته العذب كما طلب منه النبي ﷺ « إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتي يؤذن ابن أم مكتوم».

 

وأيضًا في العصور الإسلامية المختلفة، ظهرت شخصيات مسحراتية مهمة أخرى في العصر العباسي عندما جاء إلى مصر

“عتبه ابن اسحاق” واليا من قبل الخليفة العباسي “المنتصر بالله” قام هو بالتسحير سائراً على قدميه من مدينة العسكر

في الفسطاط حتى جامع عمرو بن العاص في سنه 238 هـ.

 

وفي العصر الفاطمي  أمر” الحاكم بأمر الله” الناس أن ينام مبكرًا بعد صلاة التراويح وكان الجنود يمرون على المنازل

ويدقون أبوابها ليوقظوا الشعب ثم عين رجل للقيام بمهمه المسحراتي.

 

وفي مكة  اشتهر  بالتسحير ” الزمزمي”  كان يتولي التسحير في صومعته بأعلي المسجد ومعه أخوان صغيران

يقول: يا نياما قوموا للسحور معه حبلًا فيه قنديلان كبيران ومن لم يسمع نداء التسحير يبصر القنديلان ينزلان

فإذا لم يشاهدهما علم أن وقت التسحير قد فات.

 

وفي عصر المماليك  ظهر” ابن نقطه ” في بغداد ويقول الدكتور حسين مجيب المصري الشعر الذي يستخدمه المسحراتي

كان يسمى « فن القوما»  اشتهر به ابن نقطه وكان يوقظ الخلفية “الناصر لدين الله” ينادي في تسحيره بأشعار القوما

كان لابن نقطه ولد ماهر في نظم القوما فلما مات أبوه أراد أن يعرف الخليفه وتعذر عليه صبر إلى دخول شهر رمضان

أخذ إتباع والده من المسحرين وغني القوما بصوت رقيق قال:

يا سيد السادات……. لك بالكرام عادات

وأنا ابن نقطه………تعيش أبويا مات

 

لذلك أعجب الخليفه بذوقه وحسن بيانه وايجازه فاستحضره مكان أبيه.

 

ومن الجدير بالذكر  “المسحراتية” في مصر كانوا  يطوفون في شوارع المدينة أو القرية يردّدون الأناشيد الدينية، وينادون الناس ليستيقظوا،

طالبين منهم أن يوحدوا الله ويضربون على “طار” ضربات متوالية، حتى يسمعهم النائمون، فيستيقظوا من نومهم لتناول السحور وتختلف

العبارات التي كانوا ينادون بها المسحراتيه “يا نايم وحّد الدّايم يـا غافي وحّـد الله”  “يا نايم وحّد مولاك اللي خلقك ما بنساك”

“اصحي يانايم وحد الله يا نايم اذكر الله السحور ياعباد الله اصحي يانايم وحد الدايم قول نويت بكره إن حييت

الشهر صايم وفي الفجر قايم رمضان كريم”.

 

ثالثًا: أغاني شهر رمضان

الأغاني التراثية تعتبر من عادات شهر رمضان وهي من مظاهر الفرحة التي نستقبل بها الشهر الكريم ترجع للأسرة السابعة عشرة قبل الميلاد

كان يحكم البلاد الملك تاعا “سقن- رع” وزوجته “اياح حتب” حيث بدأ الكفاح ضد الهكسوس من الملك “سقنن رع” ومن المرجح أنه قتل في المعركة

وتبعه ابنه “كامس” في معاركه وقتل وأكمل” أحمس” أول ملوك الأسرة الثامنة عشرة  لذا شجعت “اياح حتب ” ابنها ” أحمس” لطرد الهكسوس

من مصر اللذين سكنوا مدينة ” أواريس ” اتخذوها عاصمة لهم وعند عودة الجيش منتصر في بداية الشهر القمري والمصريين القدماء استقبلوا

الملكة ” اياح حتب ” في ترحيب حاملين المصابيح وشعلات النار وهم يهتفون وحوي يا وحوي اياحة ومن ذلك الوقت بدأ المصريين يستخدموا

جملة وحوي يا وحوي اياحة عندنا يستقبلوا أي شهر جديد وخاصة شهر رمضان  الكريم واستخدمت أيام “الدولة الفاطمية “استخدموا

“وحوي يا وحوي اياحة” حتي يودعوا شهر شعبان ويستقبلوا شهر رمضان وبقيت وحوي يا وحوي مرتبطة بشهر رمضان الكريم.

 

رابعًا: مدفع الإفطار

من الجدير بالذكر أن مدفع رمضان يعتبر رمز رمضاني عريق، يُعلن عن حلول وقت الإفطار في كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك

إعتاد المصريون بدء إفطارهم بدون معرفة مصدر هذا التقليد أو حتي متي كانت بدايته !

 

اضرب كلمة نسمعها مع حلول آذان صلاة المغرب كل يوم من أيام شهر رمضان ليكون إيذاناً بانتهاء فترة الصوم تعتبر مدينة القاهرة

أول مدينة إسلامية استخدمت مدفع الإفطار في شهر رمضان الكريم انطلقت أول طلقة لمدفع الإفطار في أول يوم رمضان عام

1455 م  /  859 هـ وكان يعمل مدفع الإفطار بالذخيرة الحية حتي عام 1859 م أثناء حكم والي مصر العُثماني ” خشقدم ”

تلقي مدفعا هدية من صاحب مصنع ألماني وأمر بتجربته وتصادف أنه وقت الإفطار فشكروه عرف الوالي العثماني الحكاية

فأعجبته وأمر بإطلاق المدفع عند غروب الشمس في كل يوم من أيام شهر رمضان لذا أصبح إطلاق المدفع في شهر

رمضان تقليدًا شعبيًا في البداية كان المدفع بالقلعة إلى أن إستقر حاليًا فوق هضبة المقطم  ومع مرور الوقت بدأت

الفكرة تنتشر في أقطار الشام، دول الخليج العربي، دول شرق آسيا.

 

انظر أيضًا: رمضان شهر الانتصارات | انتصارات ومعارك شهر رمضان

 

خامسًا: موائد الرحمن

إقامة موائد الرحمن في شهر رمضان هي عادة تاريخية مهمة في مصر تضمن هذه العادة تقديم الطعام والشراب للمحتاجين

والفقراء والمسافرين وغيرهم من العابرين في الطرق والساحات وحتى أمام المنازل خلال شهر رمضان لذلك تعتبر هذه الموائد

من مظاهر عمل الخير والعطاء في شهر رمضان تعكس الروح الإنسانية التي يتحلى بها المسلمون في هذا الشهر المبارك

تعود أصل هذه العادة إلى فترة الرسول محمدﷺ والخلفاء الراشدين.

 

وبالتالي اختلفت الروايات حول بداية موائد الرحمن في مصر إن الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية في مصر

قام بإقامة أول مائدة في العام الرابع من ولايته وقد أطلق عليها حينها اسم “السماط” وكانت في أول يوم من أيام

شهر رمضان وقد جمع على هذه المائدة الحافلة بصنوف الطعام القادة والتجار والأعيان وخطب لهم قائلاً:

“إنني لم أجمعكم حول هذه الأسمطة إلا لأعلمكم طريق البر بالناس”.

 

وفي رواية أخري تشير للدولة الفاطمية في إقامة موائد الرحمن  أطلقوا عليها اسم “دار الفطرة” وكانت تمتد طولها

إلى 175 مترًا فإن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي هو الشخص الذي أرسى تقليد المآدب الخيرية في مصر حيث

قام بإقامة مائدة في شهر رمضان للمصلين وأهل مسجد عمرو بن العاص كان يخرج من قصره 1100 قدر من جميع

صنوف الطعام ليتم توزيعها على الفقراء والمحتاجين.

 

سادسًا: الكنافة

من المؤكد أن الكنافة من الحلويات المرتبطة بشهر رمضان ظهرت لأول مرة في عهد الدولة الأموية بالتحديد في عهد الخليفة

“معاوية ابن أبي سفيان” أول خلفاء الدولة الأموية وكان والي الشام في ذلك الوقت كان يحب الأكل لدرجة كان يشعر بالجوح

نهار رمضان تكلم مع الطبيب ووصف لهُ الكنافة وجعل صُناع الحلويات يصنعوها خصيصًا للخليفة ويقدموها له حتي يأكلها في

السحور لكي تخفف من الجوع في نهار رمضان وسموها بـ  “كنافة معاوية”

 

ولكن عرفوا المصريين الكنافة في عهد الفاطميين وتصادف دخول الخليفة ” المعز لدين الله الفاطمي” القاهرة في شهر رمضان الكريم

حينما استقبلوه الأهالي بعد الفطار وهم حاملين الفوانيس والهدايا ومن بينهم الكنافة بالمكسرات كنوع من التكريم وانتقلت الكنافة لبلاد

الشام عن طريق التجار وبالتالي اكتسبت الكنافة مكانتها بين أنواع الحلويات التي صنعها الفاطميون السلاطين يصنعون كميات كبيرة من

الكنافة ويضعوها على أبواب القاهرة يتناولها المارة وعامة المصريين حيث أبدع الفاطميين في احتفالهم بشهر رمضان لزيادة الحفلات

و عمل الحلويات وتوزيعها مثل : الفلوزج ( المهلبية) و الزلابيا وأيضًا انتشرت في عصرهم ألعاب الصواريخ والبهلوانات في ميدان الرميلة

بالقلعة في ليل رمضان.

 

سابعًا: القطائف

حيث تعتبر ثاني أشهر الأكلات المرتبطة بـ عادات شهر رمضان اختلفت على القطايف في العصر الأموي كان الخليفة

سليمان بن عبد الملك الأموي هو أول شخص أكل القطايف في شهر رمضان الكريم عام 98 هـ في العصر الفاطمي

لذلك كان صُناع الحلويات يتنافسوا على تقديم أحلي نوع حلويات للخليفة أو السلطان حتي يحبه ويحصل على رضائه

ويشتغل بالقصر فابتكر أحد الطهاه  فطيرة صغيرة محشية بالمكسرات وزينها بشكل جميل جدًا وقدمها للضيوف في

القصر الملكي ليتذوقوا اختراعه وعجبهم لدرجة إنهم كانوا يقطفوها من بعض ومن هنا جاء اسم قطائف.

 

وأيضًا يوجد رواية أخري تقول إن سبب تسميتها بالقطائف أن ملمسها يشبه القماش القطيف.

 

من الجدير بالذكر أن أول من ابتكر القطائف هم الأندلسيين وانتشرت في مدن عربي” غرناطة وإشبيلية” حيث انتقلت الفطيرة الصغيرة

المحشوة بالمكسرات إلى بلاد الشرق العربي في ظل الحكم الاسلامي وبالتالي تطورت على مدار السنوات لتصبح من أهم الأعراف

المرتبطة لدى المصريين بشهر رمضان الكريم.

 

ومن ثم كانوا الشعراء والأدباء يمدحوا في الكنافة والقطايف بسبب حلاوة طعمها لدرجة إن الإمام جلال الدين السيوطي

ألف كتابًا اسمه “منهل اللطائف في الكنافة والقطائف” مما يدل على شهرة هذين النوعين من الحلويات التي ارتبطت

بشهر رمضان الكريم تلك الفترات التاريخية وحتى الآن.

 

قال أحد الشعراء  “لله در قطائف محشوة ..من فستق دعت النواظر واليدا”

 

وفي الختام، نجد أن شهر رمضان شهرًا استثنائيًا في قلوب المسلمين حيثُ تُزخر أيامُه بالعديد من العادات والتقاليد

التي تُضفي عليه رونقًا خاصًا وتُضفي على أجوائه روحانيةً فريدة.

 

انظر أيضًا:كيف تزيد انتاجيتك في شهر رمضان 

 

الكاتبة: سارة أبوهجم