أحمد السيد والبناء المنهجي
أحمد السيد والبناء المنهجي في زمنٍ تتسارع فيه الأفكار وتتشابك فيه المناهج وتكثر فيه المراجع حتى يعجز القارئ عن اختيار نقطة البدء، يبرز اسم أحمد بن يوسف السيد كأحد الذين حاولوا إعادة ترتيب المسار المعرفي لطلاب العلم، ووضع خريطة واضحة تعيد للقراءة قيمتها وللطلب جديته.
لم يكن ظهوره مجرد إضافة إلى قائمة الدعاة أو المحاضرين، وإنما محاولة واعية لصياغة منهج تعلم متدرج، يستند إلى أصول ثابتة ويسبط بلغة تجمع بين العمق والسلاسة.
من هو أحمد السيد والبناء المنهجي؟

أحمد بن يوسف السيد هو داعية ومفكر سعودي، ولد عام 1985م، ونشأ في بيئة تربوية أسهمت في تكوينه العلمي منذ صغره.
منذ شبابه اهتم بدراسة العلوم الشرعية، وكان دائم التماس العلم على يد كبار العلماء، مع تنوع في اهتماماته تجاه الفكر والدعوة والتربية.
مع مرور السنوات، سعى إلى أن يؤسس منهجًا تربويًا وفكريًا يرعى فيه نشء قوي معرفيًا، مهذبًا نفسيًا، وواعٍ فكريًا. وبهذا الهدف أطلق أو أشرف على أكاديمية ومشروع “البناء المنهجي” كمؤسسة تهدف إلى إعداد جيل يتمتع بأساس علمي وفكري متين.
إلى جانب إدارة المشروع، ألف السيد عددًا من الكتب والمراجع التي تخدم هذا البناء الفكري تهدف إلى تثبيت العقيدة، ترشيد التفكير، وتقديم محتوى إسلامي منسق ومتوازن.
أحمد السيد والبناء المنهجي وليس داعية مجرد، بل مخطط فكري ومؤسس مشروع طويل الأمد يسعى إلى بناء أنماط فكر وسلوك وعقيدة على أسس منهجية.
اقرأ أيضًا: الشيخ أحمد عبد المنعم
ما هو البناء المنهجي؟
البناء المنهجي هو مشروع منهجية تعليمية دعوية وفكرية أُعدتها إدارة أحمد السيد يهدف إلى
-
تأصيل المتلقي شرعيًّا وفكريًا.
-
بناء فكر واضح، متوازن، قادر على مواجهة التحديات الفكرية والثقافية.
-
تنمية سلوك شخصي ومجتمعي قائم على القيم وعلى الوعي الطبيعي والديني معًا.
-
سد الفجوات المعرفية في التاريخ، الثقافة، الفهم الشرعي، بحيث لا يشعر المتعلم بأنه مشتت أو ضائع بين تيارات متعددة.
في النهاية البرنامج لا يهدف إلى معرفة سطحية أو منفردة بل إلى إعداد شخص متكامل في عقيدة، فكر، سلوك، أسلوب حياة.
ما هى مكونات ومزايا البناء المنهجي؟
أولًا: الهيكل العام هو الدراسة على مراحل
وفقًا لمعلومات المشروع:
-
البرنامج يمتد لـ 4–5 سنوات.
-
الدراسة منتظمة ومنهجية مقررات تنشر تباعًا عبر منصة تعليمية خاصة، مع تكليفات، امتحانات، متابعة.
-
هناك تنويع في المساقات من تأصيل شرعي، إلى بناء فكري وثقافي وسلوكي، إلى حفظ نصوص كـ القرآن أو متون هامة.
- المساقات أو المسارات الأساسية.
من بين المسارات التي يشملها البرنامج
-
مساق التأصيل الشرعي يشمل دراسة علوم الفقه، أصول الفقه، العقيدة، علوم القرآن، الحديث، واللغة العربية.
-
مسار البناء الفكري/الثقافي/السلوكي قراءة عدد من الكتب (قائمة كبيرة تضم نحو 21 كتابًا في بعض الدفعات) يتضمن مهامًا مثل التلخيص أو الفهرسة أو استخراج الفوائد.
-
مسار الحفظ هو حفظ القرآن وبعض المتون، بجانب الدراسة العامة وهو ما يؤسس للذاكرة العلمية، وليس فقط للمراجعة الفكرية.
ثانيًا: منهجية الدراسة والتدرج والالتزام
الميزة الأساسية في البناء المنهجي أن الدراسة منهجية وليست عشوائية:
-
يبدأ بالأساسيات كتب ومتون خفيفة نسبيًّا، ثم يتدرج إلى دروس أعمق.
-
تقسم الدراسة إلى وحدات وهى تأصيل وقراءة وحفظ بحيث تتكامل المعرفة الشرعية، الفكر، والسلوك.
-
هناك متابعة دورية، تكليفات، ومسؤولية فردية بمعنى أن المتلقى لا يكون مستمعًا فقط بل متعلّمًا ملتزمًا.
لماذا البناء المنهجي مهم؟ وما الفائدة منه؟
في وقت يعيش فيه الكثير من الشباب حالة من التشتت الفكري، الانبهار بالتعددية، وحيرة بين تيارات فكرية مختلفة يأتي هذا البرنامج ليقدم:
-
ثباتًا فكريًّا وعقائديًّا من خلال تأصيل شرعي متوازن، وليس اجتهادات عشوائية.
-
وعيًا ثقافيًا وسلوكيًّا لأنه الدراسة لا تقتصر على العلم النظري فقط، بل على بناء إنسان متوازن في عقيدته، أخلاقه، ووعيه.
-
منهجية واستمرارية كثير من الدعاوى أو الدروس الفردية لا تضمن استمرارية أو بناء تدريجي، أما هنا فهناك خطة واضحة تمتد على سنوات.
-
تربية متكاملة العلم والفقه والأخلاق والسلوك والفهم العميق كل هذه الأبعاد مجتمعة، ما يجعل المتعلم أقرب إلى مركز ثابت في حياته الفكرية والدينية.
لهذا يرى كثير من المهتمين أن مثل هذا النوع من البرامج إذا التزم به المحتسب يمكن أن يكون نقلة حقيقة في فهم الذات، الإيمان، والانخراط في المجتمع بوعي.
لمن يناسب البناء المنهجي؟
-
الشباب والطلاب الباحثون عن تأسيس شرعي وفكري بعقل هادئ.
-
من يريد أن يبني فكره بشكل تدريجي ومتوازن، لا بحماس عابر أو تشتت فكري.
-
من يشعر أنه مشتت بين مصادر متعددة، يبحث عن تنظيم، ترتيب، وضبط.
-
من يريد أن يوازن بين العلم الشرعي، الثقافة العامة، الأخلاق، والسلوك.
-
الداعين أو المهتمين بالدعوة، الذين يريدون تجهيز أنفسهم بفهم متوازن، بعيد عن التفريط أو التطرف.
ما هو رأي العلماء في البناء المنهجي؟
أولًا: آراء المؤيدين ومن يرونه مشروعًا نافعًا
يرى فريق من طلاب العلم وبعض المشايخ أن البناء المنهجي ساهم في إعادة ترتيب طريق الطلب المعرفي لعدد كبير من الشباب، خصوصًا لمن لم يجدوا من يأخذ بأيديهم خطوة بخطوة.
ومن أبرز ما استندوا إليه:
- تنظيم طريق التعلم
المشروع يقترح مناهج محددة في مجالات متنوعة مثل الفقه، والعقيدة، والأصول، والسلوك، وهذا التنظيم سهل على المتلقي اختيار مسار واضح بدل التشتت بين الكتب والمواد. - التحفيز على القراءة والرجوع للمصادر
المعايير داخل المشروع توجه الطالب إلى مصادر أصلية، وهذا يعد بابًا للتدرج العلمي الصحيح. - إحياء روح الجدية في طلب العلم
كثير من المنخرطين في البرنامج شعروا بوجود التزام ومتابعة، مما ساعدهم على المواظبة وعدم الانقطاع.
ثانيًا: آراء من انتقدوا المشروع أو تحفظوا عليه
هناك أيضًا من العلماء وطلبة العلم من سجل ملاحظات حول فكرة البناء المنهجي، ومن أهم ما ذكر:
- أن العلم لا يختزل في مسار واحد
بعض المنتقدين يرون أنه من الصعب وضع طريق ثابت يناسب الجميع، فالعلم متشعب واختلاف مستويات الطلاب وخلفياتهم العلمية يجعل من الصعب اعتماد منهج واحد. - الاعتماد الكبير على القراءة الذاتية
أشار بعضهم إلى أنّ القراءة وحدها لا تكفي ما لم تدعم بتلق مباشر من أهل العلم، مع المناقشة والسؤال والتمرين، وهي أمور يصعب حضورها كاملًا داخل النظام الإلكتروني. - إمكانية تأثير التوجيه المركزي على استقلال المتعلم
يرى بعض النقاد أنّ المسارات المحددة قد تجعل الطالب تابعًا لهيكلة واحدة دون بحث مستقل أو توسع خارج المناهج الموضوعة.
ثالثًا: رأي وسط
من خلال متابعة الحوار العلمي حول البناء المنهجي، يبدو أن المشروع كغيره من المشاريع العلمية له نفع واضح وآثار إيجابية كبيرة على فئة من المتعلمين، خاصة من يحتاجون خريطة أولية للبدء.
وفي المقابل، لا يخلو من ملاحظات تحتاج إلى تطوير، مثل زيادة الارتباط بالمشايخ وفتح مزيد من خيارات التوسع.
بمعنى آخر:
من تعامل معه بوعي، واستفاد منه كبداية ومرشد، ثم واصل تطوير نفسه خارج حدوده فقد يحصد فائدة كبيرة.
أما من اكتفى به وحده وظن أنه الطريق الوحيد أو النهائي للعلم، فقد يقع في تضييق لا يقصده أصحاب المشروع.
الخاتمة
أحمد السيد والبناء المنهجي هو محاولة جريئة ومنهجية لبناء فكر، عقيدة، وسلوك على أسس متينة.
هو ليس مجرد دورة أو محاضرة، بل خطة تعليمة تمتد سنوات، تجمع بين التأصيل الشرعي، التربية الفكرية، الثقافة، والحفظ.
إذا التزم المتلقي بخطواته بصدق، مع نية صافية ومراجعة ذاتية، فإنه قد يجد فيه ضالته فهمًا متوازنًا لعقيدته، وهوية واضحة، ووعيًا فكريًا قادرًا على مواجهة التحديات المعاصرة.
كانت معكم الكاتبة إيمان عثمان.
للمزيد
لمزيد من الكورسات المجانية في جميع المجالات، يمكنك متابعة قناة Free Courses And Books علي قناة التيليجرام من انتظر 25 ثانية لظهور الرابطهنا.