تعلم كيف تذاكر بفاعلية أي مادة تعليمية

كيف تذاكر بذكاء وكفاءة

كنتُ أرجو أن يقول لي أيُّ أحدٍ عندما كنتُ أدرس أن أتعلم كيف أذاكر، لأني كنتُ أبذل مجهودًا كبيرًا جدًّا في المذاكرة دون فائدة تُذْكَر، فقد كان تحصيلي ضعيفًا جدًّا، مع أني كنتُ ذكية، وهناك بعض الأمور التي عرفتها عن المذاكرة لكن بعد فوات الأوان.

لذلك في هذا المقال سأحاول توضيح أفضل طرق المذاكرة بذكاء وفاعلية وبمجهودٍ قليل قدر الإمكان، لكن لا تتخيل أني سأخبرك بطريقة لن تبذل فيها مجهودًا، فهذا تفكير خاطئ.

الطبيعي عند المذاكرة، سواء مذاكرة مواد أكاديمية أو تعلّم ذاتي حر، أنك ستبذل مجهودًا في التعلّم والدراسة والحفظ والمراجعة. وسنحاول أن نجعل هذا المجهود يُبذَل بذكاء ويُنتِج عنه نتائج أكبر من المعتاد.

لماذا تتعلم كيف تذاكر؟


تعلّم الطريقة الصحيحة للمذاكرة له أسباب عديدة، فهي ليست أمرًا ترفيهيًّا، فبعض الناس يقضون حياتهم الدراسية كاملة وهم لا يعلمون شيئًا عن آلية المذاكرة الصحيحة، وبالتالي يحصلون نتائج ضعيفة مع أنهم يبذلون مجهودًا كبيرًا، وهذه مجموعة نقاط يجب أن تضعها بعين الاعتبار:

  • تعلّم الطريقة الصحيحة للمذاكرة = مهارة يجب تطويرها وتحسينها مع الوقت، فمثلًا كما أن مهاراتك في استخدام الحاسوب تتطور وتتحسن مع الوقت فكذلك المذاكرة؛ فأي مهارة تبدأ صغيرة وتنمو مع الوقت، فأنت في البداية قد تذاكر صفحة واحدة في ساعة، ومع تنمية مهارات المذاكرة تُذاكر عشر صفحات.

 

  • طرق المذاكرة التقليدية لم تعد تُجدي نفعًا، خصوصًا مع تغيير المناهج التعليمية وتطورها؛ فالمكوث بالساعات لتحفظ المقرر لن يفيد، فالأمر الآن أصبح يحتاج دمجًا بين تقنيات المذاكرة المتنوعة مثل: الحفظ، الفهم، التلخيص، المراجعة، عمل الخرائط الذهنية، المذاكرة الجماعية، استخدام الأدوات التقنية، وغيرها من الطرق المتنوعة.

 

  • تعلّم كيف تذاكر = مذاكرة بفاعلية في وقت أقل؛ فقد تذاكر في ساعة ما تذاكره في خمس ساعات. الأمر يعتمد على مدى تركيزك وابتعادك عن المشتتات وطريقة مذاكرتك وتنظيمك لوقتك.

للأسف عزيزي الطالب، أنت لن تكتفي بالمذاكرة أثناء فترة دراستك الأكاديمية فقط، سواء في مرحلة التعلّم الأساسي أو التعلّم الجامعي أو حتى الدراسات العليا؛ فبعد التخرج ستحتاج مزيدًا من التعلّم لتطوير مهاراتك والتعمق في تخصصك، فالمذاكرة أسلوب حياة لأيِّ إنسانٍ ناجح في حياته.

دعنا نكون صريحين مع بعضنا: أهم سبب لأي طالب لتعلّم آلية المذاكرة هو الحصول على درجات مرتفعة في مواده الدراسية، وأن يكون من المتفوقين والأوائل = دحيحة الدفعة.

وهناك أسباب أخرى مثل تجنب التراكمات الدراسية (يكفيك تراكماتك النفسية :)، تحسين قدرة الفهم أكثر من الحفظ قدر الإمكان، الموازنة بين جوانب الحياة الدراسية والاجتماعية والترفيهية… إلخ، ولتحسين نفسيتك بتحسُّن مستواك الدراسي.

كيف تستعد للمذاكرة؟

لتحسّن فعل أي شيء، عليك حسن الاستعداد له. لذلك، لتحسّن عملية المذاكرة، عليك أن تحسن الاستعداد لها، وهذه بعض النقاط التي يجب أن تفعلها قبل بدء عملية المذاكرة:

التخلص من المشتتات

أكثر معوقات المذاكرة المنتشرة في وقتنا هذا هي المشتتات والملهيات، مثل الحاسوب والهاتف والأجهزة الإلكترونية عامة، بالإضافة لبعض أصدقاء السوء الذين يشتتوك عن هدفك، وأيضًا بعض الأمور الأخرى مثل الزيارات المفاجئة والطعام عند بعضنا.

وللتخلص من المشتتات الرقمية اتبع الخطوات التالية:

  • إغلاق الهاتف وتركه خارج غرفة المذاكرة.

  • حاول قدر الإمكان عدم جعل أي شيء متعلق بالدراسة على الهاتف؛ فيمكنك طبع الملفات بدلًا من مذاكرتها من الهاتف.

  • إذا كان متاحًا لك، خصص جهازًا خاصًا بالمذاكرة مثل اللابتوب أو التابلت أو أي جهاز، أو حتى الورق العادي، لكن بعيدًا عن الهاتف، واستعمل بعض مواقع وأدوات الذكاء الاصطناعي المجانية لتسريع المذاكرة وإنجاز المهام.

  • جهاز المذاكرة يكون خالٍ من الألعاب ومنصات التواصل وأي شيء يلهيك عن الدراسة.

  • حاول استعمال بعض التطبيقات التي تغلق الهاتف أو تطبيقات منصات التواصل لفترة محددة، أو أعط الهاتف لأحد أفراد أسرتك واطلب منه مساعدتك على التركيز. ويمكنك أن تقرأ عن كيفية التخلص من إدمان الريلز واستعد حياتك مع تطبيق Stop Scroll.

  • يفضل جدًا أن لا يكون لديك منصات تواصل من الأساس وأن انتظر 25 ثانية لظهور الرابطتتخلص من إدمان منصات التواصل؛ أعلم أحد المتفوقين الذي قضى جميع فترة الدراسة من الثانوية حتى التخرج، وهو لا يمتلك إلا واتساب لأجل مجموعات الدراسة عليه والتواصل الضروري.

  • جهّز غرفة الدراسة أو المكان الذي تدرس فيه بشكل يجعل تركيزك منصبًا على المذاكرة فقط، بحيث يكون أمامك المادة التي تذاكرها فقط وتركز عليها.

التخطيط الدراسي (العام – الأسبوعي – اليومي)

يجب أن يكون لديك دائمًا دفتر صغير، تكتب فيه المواد التي تدرسها، وما الموضوعات أو الدروس أو الملفات التي درستها فيها، وماذا يحتاج تبيض (إن كنت طالبًا جامعيًا)، وماذا يحتاج طباعة كتب أو أوراق للدراسة، وما المتراكم عليك في كل مادة والدروس الصعبة التي تريد مراجعتها جيدًا.

أي دفتر تخطيط دراسي صغير وبسيط تعرف من خلاله ما عليك وما تحتاج لكل مادة. حتى في فترة الجامعة، كتابة كل مقرر وما درست فيه من عدد المحاضرات وأسمائها، وحتى إن لم تذاكر أولًا بأول، سيسهّل عليك في فترة الامتحانات معرفة ما المطلوب منك مذاكرته.

وكل أسبوع تنشئ خطة لما ينبغي دراسته والدروس الملزم بحضورها إن كنت طالبًا مدرسيًا، والواجبات المطلوبة منك والتحضيرات لكل مادة. وإن كنت طالبًا جامعيًا ولا تريد المذاكرة أولًا بأول، فيمكنك على الأقل تخصيص ساعة واحدة فقط كل يوم للمذاكرة. هذه الساعة مع الوقت ستحدث لك تغييرًا في مستواك واستيعابك للمقررات.

وقبل النوم من كل يوم، تحدد ما ستذاكره غدًا من مواد والواجبات التي ستقوم بها والحصص أو المحاضرات التي ستحضرها.

وقبل بدء المذاكرة، يمكنك تقسيم المهمة الكبيرة (مذاكرة محاضرة “أنواع الترجمة” مثلاً) لمهام صغيرة (مثل الترجمة الفورية، التحريرية، التتبعية… إلخ)، حتى إذا أنهيت ووضعّت عليها علامة الإنجاز، تتحفظ وتشعر ببعض الإنجاز يقوّي عزمك للاستمرار.

ويمكنك قراءة هذه المقالات:

هيئ عقلك، مكانك، ووقتك للمذاكرة

تهيئة العقل للمذاكرة عن طريق فصله عن الملهيات والمشتتات، والأكل الصحي وعدم الإكثار من الطعام قبل المذاكرة حتى لا تصاب بالتخمة والخمول، ولو استطعت ممارسة بعض التمارين الخفيفة.

وأنا أقدّر جدًا الطلاب الذين يمارسون الرياضات بأنواعها، مثل الذهاب للجيم أو لعب كرة القدم أو أي نوع آخر، وغيرها من الألعاب الرياضية التي تحافظ على الجسم والعقل.

تهيئة المكان عن طريق إحضار كل أدوات المذاكرة، والكتب والملفات والأوراق، حتى لا تضطر كل دقيقة للقيام من مكانك أو الذهاب للبحث عن أداة فقدتها وتحتاجها.

وتهيئة وقتك باختيار الوقت المناسب للمذاكرة، يكون وقت هدوء وخالٍ من المشتتات مثل التجمعات العائلية. وبالمناسبة، بعض الأشخاص تسمي نفسها “أشخاص ليليلة المذاكرة”، وهذا خطأ علمي وطبي، وفيه ضرر للعقل والجسم وقلة في الاستيعاب والتحصيل الدراسي. فما تحصله في ساعات أثناء الليل قد تحصله في ساعة واحدة في النهار.

عوضًا عن ضرر السهر الجسدي والعقلي والنفسي، للإنسان ساعة بيولوجية طبيعية مخلوق بها، وأنت تقوم بقلبها عن طبيعتها.

فالخير في البكور، الاستيقاظ مبكرًا وبدء الدراسة من بعد صلاة الفجر مثلاً، والمذاكرة قليلًا ثم القيام للفطور. من ثم، على الساعة 9 صباحًا أو 10، ستكون قد أصبت بالإرهاق والتعب، فيمكنك أداء صلاة الضحى والنوم ساعة أو ساعة ونصف، والاستيقاظ منتبهًا وبدء يوم جديد. أما الناس التي استيقظت ظهرًا، لم تبدأ يومها بعد.

ويمكنك تقسيم يومك لسبع وحدات حسب الصلوات: الفجر، الضحى، الظهر، العصر، المغرب، العشاء، ركعتي القيام. ويكون يومك منظمًا على معاد الصلاة، ووقت الصلاة بالنسبة لك وقت راحة وفصل ذهني من المذاكرة.

والمذاكرة بتقنية الجلسات، أي المذاكرة 45 دقيقة و10 دقائق راحة. وإن كنت لا تستطيع مذاكرة 45 دقيقة دفعة واحدة، يمكنك البدء بـ 20 دقيقة، ثم زيادتها لنصف ساعة، ومن ثم 45 دقيقة.

لكن بشكل عام، إن بدأت جلسة مذاكرة واندمجت وانغمست فيها، فلا داعي لقطعها لمجرد انتهاء وقت الجلسة؛ يمكنك أن تمد الجلسة قليلًا.

كيف تذاكر أي مادة بذكاء؟

تعلم كيف تذاكر مثل المتفوقين × ثلاث مراحل =

ما قبل بدء عملية المذاكرة

قبل أن تبدأ عملية المذاكرة، هناك ثلاث خطوات رئيسية يجب أن تقوم بها:

  1. مراجعة سريعة على الدروس أو المحاضرات التي درستها سابقًا لاسترجاعها، خصوصًا إن كانت مرتبطة بالموضوع الذي ستبدأ مذاكرته، وكنوع من المراجعة بعيدة المدى.

  2. فهم طبيعة المادة حتى تحدد الطريقة التي ستذاكرها بها؛ هل هي مادة حفظ أم فهم أم مادة تطبيقية، وكيف ستُسأل فيها في الاختبارات: هل مقالي أم MCQ أو ترجمة، أم مادة معلوماتية؟ كل ذلك سيحدد كيف ستذاكر هذه المادة.

  3. تحضير الدرس وقراءته قراءة سريعة، سواء قبل شرح الدرس أو المحاضرة لك، حتى يكون لديك فكرة عامة أو خريطة ذهنية كاملة عن الدرس.

أثناء عملية المذاكرة

هناك خمس خطوات لا غنى عنها لأي شخص يريد أن يحقق درجات عالية في سنته الدراسية:

  1. سماع الشرح / تبييض المحاضرة.

  2. مذاكرة المحاضرة أو الحصة.

  3. عمل تلخيص أو خريطة ذهنية بسيطة.

  4. حل بعض الأسئلة والاختبارات.

  5. شرح المقرر لغيرك.

تبدأ عملية المذاكرة بسماع الشرح أو تبييض المحاضرة لفهم الفكرة الأساسية وترتيب المعلومات بشكل واضح. ثم يأتي دور مذاكرة المحاضرة أو الحصة بتركيز للتعمق في المعاني وربطها بما سبق.

بعد ذلك، يقوم الطالب بعمل تلخيص أو خريطة ذهنية بسيطة تساعده على تنظيم الأفكار وتثبيت المعلومات في الذاكرة ويمكنك استعمال بعض الأدوات التقنية في التلخيص، وهناك مواقع لتحويل أي PDF إلى خرائط ذهنية بالذكاء الإصطناعي.

ولتحويل الفهم إلى مهارة، يجب حل بعض الأسئلة والاختبارات لمعرفة مستوى الاستيعاب واكتشاف النقاط الضعيفة.

وأخيرًا، تأتي أقوى خطوة وهي شرح المقرر لغيرك؛ فالشرح يكشف ما إذا كنت تفهم الدرس فعلًا، ويحوّل المعلومات إلى معرفة راسخة لا تُنسى.

بعد عملية المذاكرة

بعد انتهاء عملية المذاكرة تبدأ المرحلة التي يصنع فيها الطالب الفارق الحقيقي بين التعلم المؤقت والتعلم العميق.

تبدأ هذه المرحلة بمراجعة سريعة لما درسته لتثبيت الأفكار في الذاكرة قبل أن تتلاشى. وانصحك أن تتعلم طرق الحفظ بالتكرار المتباعد باعتمال تطبيقات مثل: AnkiDroid.

ثم يأتي دور اختبار نفسك بأسئلة قصيرة دون الرجوع للكتاب، فهذه الخطوة تكشف مستوى فهمك الحقيقي وتُظهر أي نقاط تحتاج تقوية.

بعد ذلك سجّل ملاحظاتك حول الأجزاء التي تحتاج مراجعة لاحقة، فهذه الملاحظات ستوجّه خطتك القادمة.

أهم ما يميز المتفوقين أنهم يربطون المعلومات الجديدة بالقديمة ليصنعوا شبكة فهم قوية تمنع ضياع المعرفة.

وفي النهاية، لا تترك المعلومة للصدفة؛ قم بجدولة مراجعات مستقبلية في أوقات محددة، فالمراجعة المتقطعة هي المفتاح الذي يحول الجهد اليومي إلى نتائج مبهرة في الامتحانات.

تذكر أن التفوق ليس صدفة، بل هو نتيجة خطوات صغيرة ومتتابعة ومستمرة تقوم بها كل يوم. قد تبدو المذاكرة أحيانًا مرهقة أو ثقيلة على النفس، لكن الفرق بين الطالب العادي والمتفوق هو أن المتفوق لا ينتظر أن يأتيه الشغف، بل يصنعه بنفسه.

فالأفضل أن تبدأ بخطوة بسيطة، ولو عشر دقائق في اليوم، وستتفاجأ كيف تتغير نتائجك وتزداد ثقتك بنفسك.

واجعل هدفك أن تتعلم بذكاء لا بجهد مرهق.

ومن المهم تعلم كيف تذاكر لتذاكر بكفاءة أعلى ومجهود أقل.

وفكرة ممتازة أن تتابع قنوات تطوير مهارات التعلم والمذاكرة على تيليجرام مثل: انتظر 25 ثانية لظهور الرابطقناة EduMeFree، التابعة لرابع أكبر منصة تعليمية في الوطن العربي.